التاريخ دراسة مسلية "برتراند راسل "


الجمعة، 30 سبتمبر 2022

الأقصر مدينة التاريخ

  


على بعد 670 كم من القاهرة , تقع مدينة الأقصر مركز  الدنيا في الماضي , وعاصمة الامبراطورية المصرية والتي كانت قبلة العالم المتحضر والمكان الأكثر زخماً بالآثار في العالم في وقتنا الحالي .

  لم تعد الأقصر العاصمة السياسية لمصر منذ عقود طويلة , ولكن آثارها ظلت كسجلات لتاريخ مصر و على معابدها ومقابرها سجلت أيام النصر والفخر , بل أن بمجموعة آثار الكرنك عثر على قائمة في معبد للملك" تحتمس الثالث" , تعتبر من أهم مصادر التاريخ القديم , وسميت بقائمة الكرنك , وصور فيها الملك "تحتمس الثالث " يتجه بدعواته لواحد وستين ملكاً من اسماء أسلافه , وللأسف بداية القائمة تحطم , وأول اسم مقروء هو الملك "سنفرو " مؤسس الأسرة الرابعة ثم يليه بعض ملوك هذه الأسرة , ثم ملوك الأسرتين الخامسة والسادسة تلاها بعض ملوك الأسرة الحادية عشر إلى السابعة عشر . وقد أغفلت هذه القائمة اسماء الملوك التي لم يؤمن "تحتمس الثالث" بشرعيتها ومنهم ملوك عصر الانتقال الأول وملوك الهكسوس .

   وبرغم أن الازدهار العظيم كان لتلك المدينة في الدولة الحديثة , إلا أن الأبحاث أكدت أنها ذكرت في الدولة القديمة وتحديدا في الأسرة الرابعة في نصوص الأهرامات وأن الملك "خوفو" قام باصلاحات في معبد آمون بمدينة "نو آمون " أو مدينة الإله الواحد أي أنها كانت موجودة بالفعل , بل أن هناك أسطورة دينية تؤكد أنها أقدم مدينة على الأرض وتقع الأقصر في الاقليم الرابع الجنوبي بمصر العليا ويدعى "واست " أو الصولجان وكان في البداية هذا اسمها ثم اطلق هذا الاسم على الاقليم كله . ووجد هذا الاسم على لوحة ضمن تماثيل "خفرع " بمعبد الوادي وصور الاقليم على هيئة آلهة تقف يسار الملك وقد وحد الاله آمون ورع إله الشمس وصار آمون رع فسميت الأقصر "أون الجنوبية "تمييزاً عن مدينة "منف" .

   وإذا كانت الأقصر أو "طيبه " كما اشتهرت في المراجع التي تناولت التاريخ القديم , ضمن اقليم "واست " أو الصولجان فقد كان يرمز له بصولجان أو عصا مزدانة بريشة نعام ومربوطة بشريط تحملها الآلهة وتلك الشارة تعني السعادة حيث أن تلك المدينة متوقع لها المستقبل المزدهر . وكانت ايضا ً تلقب في الدولة الحديثة بالمدينة المنتصرة , وقد جسد اسم "واست" على شكل إلهة تمسك بيديها القوس والسهم وتحمل فوق رأسها علامة المدينة  , وفي عصر البطالمة سميت " واست مدينة آمون , سيدة كل المدن " .

وذكرها هوميروس في الالياذة بأنها "طيبة  مدينة المائة باب ", لكثرة بواباتها الشاهقة , وربما أطلق عليها الاغريق ذلك الاسم لقرب شبهها من مدينة طيبة اليونانية , وقد اطلق الاغريق اسم إلههم "زيوس " على "آمون " فاسموا المدينة "ديوس بوليس " أو مدينة الإله زيوس

وكان ذلك للضفة الشرقية أما الغربية فاسموها "ممنونيا " , جدير بالذكر أن ذلك كان يندرج تحت الدعاية السياسية التي تضمن لهم ارضاء شعب مصر لكونهم حكام أجانب . أما في عصر الرومان اسموها "ديوس بوليس ماجنا" أو مدينة زيوس العظيمة و "مترو بوليس " كأغلب عواصم الأقاليم وكانت هدفاً للسياح والرحالة الذين اعتبروا آثار مصر القديمة شاهداً على حضارة لم يروا عظمتها من قبل .

   وفي العصر الاسلامي سميت بالأقصر حيث ظنوا معابدها ومبانيها الكثيرة قصوراً  .

  ومنطقياً أن عظمة الأقصر لم تنبثق بين يوم ليلة أو بمقياس عظمة الحضارات لم تكن بضع مئات السنين , بل كانت حضارات تراكمية تبارت في اضافة أعظم العلامات الحضارية الخاصة بها . فنجد أن الانسان ترك أدوات من الظران – حجر الصوان – من العصر الباليوليثي في تلك المنطقة , كما وجدت دفنات في أرمنت ترجع إلى 4000 عام قبل الميلاد من العصر الحجري الحديث , وكانت الحياة في الأقصر- والتي سنتناولها في باقي حديثنا بواحد من اسمائها وهي طيبة – كانت في وقت الدولة القديمة حياة هادئة بسيطة ثم سلطت عليها الأضواء مع بداية الدولة الوسطى في الأسرة الحادية عشر والتي اختارها ملوكها في تخليد ذكراهم بعد الموت فكان البر الغربي مكاناً لذلك ونجد أنه ظهر طراز جديد في مقبرة الملك "منتوحتب نبت حبت رع " فكانت مقبرة جمعت بين الهرم وبين المعبد ذي الشرفات بها حجرتين للدفن أحداها مزيفة والأخرى حقيقة , وللأسف لم يبق منها سوى الأطلال , وأحاط بها مقابر رجال دولته , بالإضافة لقبر كبير منحوت في الصخور لستين جندياً ودفنت معهم أدواتهم الحربية يبدو أنهم استشهدوا في إحدى المعارك لتوحيد البلاد بعد أن عانت مصر قبلهم من الحروب الأهلية . ثم تأتي الأسرة الثانية عشر ومؤسسها الملك "أمنمحات الأول " – معني اسمه آمون في المقدمة – فكان آمون الإله الرسمي للأسرة وبرغم من نقل عاصمة البلاد من "طيبه " إلى مكان في الشمال سماه "اثت تاوي " أو القابضة على الأرضين ويرجح أنها تقع بالقرب من اللشت وبنى هناك هرماً , أما آثاره في طيبة فكان مساهماً في بناء مجموعة معابد آمون بالكرنك , ثم أكملها من بعده ابنه "سنوسرت الأول " في معبد آمون هناك , وأكمل من بعده ايضا ً خلفاؤه ومنهم "أمنمحات الثالث " , واجمالاً لم يبق من اسهامات الأسرة الثانية عشر سوى المقصورة الجيرية البيضاء للملك سنوسرت الثالث .

   وبانتهاء الأسرة الثانية عشر تنتهي الدولة الوسطى وتعود مصر لفترة انتقالية اضمحل فيها النشاط الحضاري في طيبة .

   ثم تأتي الدولة الحديثة بالأسرة الثامنة عشر ومؤسسها "أحمس " فكانت عاصمة البلاد الرسمية هي " طيبة "- بعد أن كانت طيبة معزولة إلى حد ما عن الشمال بعد عصور الانتقال و دخول الهكسوس لمصر وتكوين عاصمتهم في الشمال  -فانتشرت المعابد في البر الشرقي مثل الكرنك و الأقصر , والمعابد لتكريم الملوك الموتى على الضفة الغربية بالقرب من الأراضي المزروعة , ويلاحظ أن المعابد زاد اتساعها وعظمتها , أما المنطقة الغربية الصحراوية التي دفن فيها الملوك وسميت "وادي الملوك " فقد حفرت المقابر في الصخور بسرية تامة خوفاً من لصوص المقابر , أما كبار رجال الدولة فقد حفرت مقابرهم في طيبة الغربية في جبانات عدة هي : جبانة دراع أبو النجا , جبانة العساسيف , جبانة الخوخة , جبانة شيخ عبد القرنة , جبانة دير المدينة , جبانة قرنة مرعي .

   ولمع اسم المهندس "انيني" في عهد كلا من الملوك "أمنحتب الأول " و "تحتمس الأول " في تلك الفترة , فاشرف على اقامة معبداً لذكرى "امنحتب الأول " ولأمه "أحمس نفرتاري " بحافة الصحراء الغربية من جبانة ذراع أبو النجا , و اضيف في عهد "أمنحتب الأول بعض المقاصير لمعبد آمون بالكرنك . واستمر خلفه " تحتمس الأول " بالاستعانة بانيني في استكمال معبد آمون مسلتين منهم واحدة لازالت موجودة حتى الآن  .          

 ثم توالت الانجازات لخلفاءه ومنهم "حتشبسوت " التي استعانت بالمهندس " سنموت " لاستكمال معبد آمون وأقامت مسلتين مازلات الشمالية موجودة حتى الآن , كما أنها بنت معبداً خاصاً بها للإله "آمون " بالاضافة لمقاصير خصصت لعبادة حتحور وأنوبيس و رع حور آختى . كما بنت مقبرة لنفسها وسط الملوك باعتبارها ملكاً على مصر .


                                          معبد حتشبسوت 

   وقد خلف "حتشبسوت " الملك " تحتمس الثالث " صاحب الامبراطورية المصرية المؤيدة من الإله "آمون" فازداد في عهده بناء المعابد وقد أقام سوراً يحيط بمسلتي عدوته "حتشبسوت " ليخفيهما , وأقام هو كذلك المسلات نقلت في عصرنا الحديث إلى "لندن , نيويورك , روما , اسطنبول " .

                                             

                               مسلة تحتمس الثالث باسطنبول 

  وقد توالى الخلفاء من بعده في توسعات واضافات لمعابد الكرنك والاستمرار في اقامة معابد لتخليد الذكرى والمقابر في البر الغربي , وقد تميز تحتمس الرابع بإقامته لمسلة من أعلى المسلات المصرية وتقع الآن في روما . ثم جاء الملك "أمنحتب الثالث " صاحب طرق الكباش حيث طريق آمون البري لزيارة معبد زوجته الإلهه "موت " الأم بفرعه الشرقي , والغربي الموصل لثالوث طيبه المقدس" آمون"  وزوجته "موت" وابنهما "خنسو " , وشيد ايضا " أمنحتب " الثالث , قصرا في البر الغربي , وحفر أمامه بحيرة عظيمة فعرفت ببحيرة "هابو" , وقد حفر مقبرته بوادي الملوك الغربي حيث لم يوجد في ذلك الوادي سوى مقبرة الملك "آي " .

                                             

                                      بحيرة هابو 

    وبمجيء  "أمنحتب الرابع " والذي جعل "آتون " قرص الشمس إلهاً رسمياً للبلاد و بنى له معبداً داخل الكرنك شرق معبد " آمون " فدخل في صراع مع كهنة "آمون " الذين تآمروا عليه , وكان رده عليهم بمحو اسم "آمون " من البلاد بل وغير اسمه ليقترن بالمعبود الجديد وأصبح " أخن آتون " ثم نقل  العاصمة إلى " أخيت آتون " في الشمال والتي الان تقع في محافظة المنيا بتل العمارنة , وظل الحال كذلك اثنتا عشر عاماً , حتى في عهد خليفته "سمنخ كا رع " الذي عاد لطيبة , وعندما أتي "توت عنخ آمون " من بعده استكمل انجازاته تمجيداً لآلهة طيبة  بمعبد الأقصر , ثم حفر مقبرته الشهيرة بطيبة ومن بعده خليفته "آي" .                               

أما آخر ملوك الأسرة الثامنة عشر "حورمحب " الذي أراد تأييد كهنة " آمون " فنجد أنه هدم معبد آتون بالكرنك واستخدم أحجاره كحشو للصروح التي أقامها في الكرنك .

    وتوالت الأسرتين التاسعة عشر والعشرين على طيبة فقد ازدهر البناء في الكرنك وساهم كل من "رع مسيس " الأول و "سيتي" الأول و " رع مسيس " الثاني في إتمام بهو الأعمدة الضخم بمعبد آمون , واستمر البناء في المعابد لتخليد الذكرى وحفر المقابر في البر الغربي . فكان لسيتي الأول مقبرة ضخمة , ولرع مسيس الثاني معبد الرمسيوم لتخليد ذكراه وكان له أضخم تمثال للملك .

                    

                                              معبد سيتي الأول 

  أما "رع مسيس " الثالث آخر ملوك مصر العظام ساهم هو الآخر في البناء بطيبة فأقام معبدين صغيرين لآمون ومعبداً ضخماً لتخليد ذكراه في هابو و حفر مقبرته بوادي الملوك . وماجاء بعد ذلك كان لم يكن في صالح طيبة أو مصر , حيث فقدت مصر سيطرتها على آسيا , وانفصلت عنها النوبة , بل كان يحكم مصر في الأسرة الحادية والعشرين بيتان ملكيان الأول سيطر على الدلتا ومصر الوسطى , والآخر في طيبة بواسطة كبير كهنة آمون . 

                                    

                                 مقبرة رع مسيس الثالث

   أما في الأسرة الثانية والعشرون فقد دخل فيها الليبيون مصر وأقاموا عاصمة في تل بسطة بشرق الدلتا ومع ذلك ساهموا في بناء الفناء الضخم المفتوح بين الصرحين الأول والثاني بمعابد آمون بالكرنك وقد عرف بفناء الليبيين . 

  وللأسف كانت مصر ضعيفة في الأسرتين الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين , فجاء الملك النوبي"بعنخي "  مستعمراً و أسس الأسرة الخامسة والعشرين و وقد اهتمت تلك الأسرة بمعابد آمون في طيبة فقد أقام  الملك "طهرقا" عشرة أساطين ضخمة في الفناء الأول بالكرنك لم يبق منها إلا واحداً وقد تميزوا كلهم بتيجان ضخمة على شكل زهرة البردي المفتوحة .

                                      

عمود طهرقا المتبقي 

  ثم دخلت جيوش الملك الآشوري "آشور بانيبال " مصر واحتلت مصر كلها ودمرت مدينة منف عام "671 " ق.م وسقطت طيبة في يد الآشوريين , ثم استطاع المصريون استعادت بلادهم من الآشوريين وطردهم بعد أربعة عشر عاماً من الحروب التي تبادل الطرفان فيها النصر والهزيمة , وانتقلت عاصمة مصر في عهد الأسرة السادسة والعشرين إلى سايس "صا الحجر في غرب الدلتا " وشهد التاريخ محاولات اصلاح حاكم "طيبة " "منتو محات " مادمرته آشور .

  ثم كانت نهاية الأسرة السابعة والعشرين على يد الفرس وملكهم قمبيز الذي عاث في المدينة تدميراً وحرقها وقتل أهلها  .

  ثم تمكن الاسكندر الاكبر من دخول مصر وطرد الفرس منها عام 332ق . م , ثم ترك مصر ليكمل فتوحاته بعد أن خلف عليها أخيه "فيليب أريدوس " فأقام هيكلاً للمركب المقدسة وسط منطقة حتشبسوت بمجموعة الكرنك , وقد أمر باصلاح المعابد التي حطمها الآشوريون والفرس – تقرباً لأهل مصر - , ومنهم مقصورة الملك "تحتمس الثالث " المهدمة فأزال المحطمة وبني واحدة مازالت قائمة حتى الآن , وبعد الاسكندر الاكبر شيد البطالمة  العديد من المقاصير والبوابات في الكرنك والأقصر كنوع من الترضية للمصريين وكهنتهم ثم اتجهت أضواء العالم القديم إلى العاصمة الجديدة الأسكندرية بمكتبتها و جامعتها وقصورها وأحياءها الشهيرة .

   وفي  عهد الرومان كانت طيبة مدينة سياحية للرحالة و المغامرين ليسجلوا في مذكراتهم عظمة تاريخ مصر القديم حيث كانت آثار طيبة قد مر عليها مئات السنوات وأصبحت من التاريخ القديم .

     ثم دخلت المسيحية مصر , وانتشرت بشكل سريع ولاقت مقاومة شديدة من الرومان وبلغ قمة الاضطهاد في عهد الامبراطور "دقليانوس " 248 - 305 م . فشهدت كهوف الأقصر ومغاراتها احتماء المسيحيين من اضطهاد الرومان لهم وتحديداً منطقة مغارات "حاجر المساوية " بمركز اسنا جنوب الاقصر , والتي تعد من المناطق الأثرية الآن . ثم صارت المسيحية ديانة رسمية لمصر عام 392م , بل وحرمت أي ديانة وثنية على أرضها , و حل بناء الكنائس محل بناء المعابد , وفي الأقصر ولاتزال بقايا منها موجودة حتى الآن , بل حولت بعض المعابد إلى كنائس , وشهد معبد الأقصر في الركن الشمالي من الفناء الأول بناء كنيسة بني فوقها مسجد أبى الحجاج في العصر الأيوبي , وبني أيضاً دير داخل وفوق معبد الدير  البحري. وأثناء الحفر بطريق الكباش والذي يبلغ طوله ثلاثة كيلومترات , عثر على بقايا كنيسة أثرية من القرن الخامس الميلادي , بنيت بكتل حجرية بمعابد من العصر البطلمي وعثر على معصرتين للزيوت إحداهما بجوار الكنيسة وهي عبارة عن غرفتين وصنبور وقد تم الكشف عن اجزاء تكميليه من الحجر الرملى أما المعصرة الثانية فكشف عنها فى القطاع الرابع من طريق الكباش وهي أكبر من المعصرة الأخرى و إن كانت قيمتها المعمارية أقل , كما عثر على مقياس للنيل في القطاع الرابع من طريق الكباش يعود للعصر المسيحي , على شكل دائري يحتوي على سلم حلزوني قطره سبعة أمتار , وعثر على إناء اللقان والذي يستخدم في الطقوس المسيحية , وعثر على بعض جدران المنازل المبنية معظمها من الطوب اللبن وترجع الى أواخر العصر القبطى وأوائل العصر الاسلامى .

 

ثم  دخل الاسلام مصر عام 640 م , وانتشر بين أهلها , فكانت المثوى الأخير لأحد الصالحين القادمين من العراق وهو السيد يوسف بن عبد الرحيم بن يوسف وينتهى نسبه إلى الإمام الحسين رضي الله عنه وكان شيخاً فقيهاً في المذهب السني, و يكنى بأبى الحجاج ثم أضيف إليها  الكنية الأقصرى نسبة إلى مدينة الأقصر حيث مستقره الأخير وقد توفى بالأقصر عام 642هـ/ 1244م فى عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب وكان عمره أكثر من تسعين عامًا وقد دفن بضريحة القائم فوق معبد الأقصر و له مسجده عظيم مازال قائمًا حتى الآن داخل معبد الأقصر   , وكانت أعمدة المسجد جزءا من أعمدة المعبد  ومحراب المسجد حفر بداخل أحد الأعمدة , بل أن الراهبة "تريزا " دفنت بجوار الحجاج ويقال أنها كانت من الصالحات التي تساعد الحجاج في الانفاق على طلبة العلم فأمر الحجاج أن تدفن بجواره بعد وفاتها اكراماً لها , وقد بني على الطراز الفاطمي بالرغم من أنه كان معاصراً للعصر الأيوبي  ولأبي الحجاج  مولد يقدر عدد زائريه في وقتنا الحالي بحوالي 6 مليون نسمة وذلك في النصف الأول من شعبان .



مسجد أبي الحجاج الأقصري 


                                

المسجد مبني بالأعمدة المصرية القديمة 




المحراب منحوت بداخل عمود لمعبد الكرنك 

قبر السيدة تيريزا 

وقد ذكرت الأقصر في كتابات الرحالة المسلمين ونذكر منهم "ابن بطوطة" في القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي , فوصفها بكونها مدينة صغيرة ولكنها حسنة وذكر قبر أبي الحجاج الأقصري وزاويته , أما في القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي فذكرها المؤرخ " ابن دقماق" باسم "الأقصرين" وكيف كانت تدر والقرى التابعة لها دخلاً يقدر بحوالى تسعة آلاف دينار .وقدرت تلك المساحة بستة عشر ألفا وتسعمائة فدان وفدان واحد وهي بالبر الشرقى من النيل وبها عنب فى غاية الكبر والحسن , وذكر كذلك أنه يصنع بها فخاراً أبيضاً له لا مثيل له في مصر في النقاء والرقة, وذكر كذلك أبو الحجاج الأقصرى الشيخ الفقيه , وفي الحفريات الحديثة بطريق الكباش تم العثور على العتب الأصلى لمسجد المقشقش – والذي نقل الآن من مكانه بوسط معبد الأقصر – وعرف عن ذلك المسجد بالتبرك للفتيات الراغبات في الزواج ,  كما عثر على المئذنة القديمة  مسجد أبو الحجاج والقبة التى تسمى بالاسم نفسه ومئذنة مسجد أحمد النجم.

                         

                                              صورة قديمة لمسجد المقشقش                     

  وفي نهاية القرن التاسع عشر , وبعد أن استطاعت الامبراطورية البريطانية أن تهزم أحمد عرابي في التل الكبير عام 1882م , و تحتل مصر , فتح الباب على مصراعيه للأجانب, لزيارة مصر ولا سيما الأقصر , فكانت الحاجة ملحة لبناء الفنادق العصرية , خاصة و أن الأقصر قد أصبحت مزاراً هاماً لزيارة الرحالة والمستكشفين ,  فانشأ المستكشفون البريطانيون   فندق سوفيتيل وينتر بالاس عام 1886 م و الذي مازال يستقبل السائحين حتى يومنا هذا ، وهو فندق 5 نجوم ويطل على على نهر النيل بني على الطراز الفيكتوري وتم زراعة النباتات الاستوائية بحدائقه ويضم أكثر من 80 غرفة وستة أجنحة , ومنذ انشائه وحتى الآن أقام فيه أبرز الشخصيات العالمية التي زارت الأقصر لا سيما المستكشفين والمؤرخين حيث بالإضافة لاطلالته على النيل فهو يقع على مسافة قصيرة من معبد الأقصر . 

                                 

                             فندق سوفيتيل وينتر بالاس

    ومازالت الأقصر حتى الآن تستقبل السائحين من جميع أنحاء العالم -سواء من أراد زيارة آثارها أو من أراد التمتع بمناظرها الطبيعية -, بل و ظلت احتى الآن لم يفصح سطح أرضها وجوفه , بكل ما مر عليها من أحداث عظيمة , كانت لها توابع قوية على العالم القديم , لأكثر من ألف عام . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق